مذكراتي الشخصية عن الفنون التشكيلية



مذكراتي الشخصية عن الفنون التشكيلية

ـــــــــــــــــ
**بدأ اهتمامي بالفنون التشكيلية منذ بدء تفاعلي مع البيئة المحيطة كأشكال وألوان ومناظر، فأتذكر في سن ما قبل المدرسة جلوسي أمام السبورة القديمة السوداء في المنزل ومحاولة رسم أفراد الاسرة  بالطباشير الذي تجلبه أختي من المدرسة .
** ومن المناظر التي أتذكرها على السبورة بيتنا كاملا بالاربع طوابق والسلالم التي توجد عليها القطة ، وداخل الشقة أختي نائمة وأمي تكوي الملابس على الترابيزة ، والراديو الذي تظهر من خلفة اللمبات الخافتة الاضاءة  في الليل والتي أعتقدت انها تضيء لذلك النوع من المخلوقات الذين يتحدثون بداخل الراديو
** ومما علمته من أسرتي هو ملاحظتهم انني كنت أحب الرسم على الحوائط أيضا ، و أنني تأخرت يوما عن عودتي من المدرسة لأنني كنت ارسم مع زملائي بالشارع
** وأتذكر في فترة الطفولة المبكرة منظر الكتب القديمة ذات الرائحة المميزة التي أتذكرها حتى الآن ، و صورة الذئب الذي يخطف طفلا صغيرا  ويمسكه بين أسنانه ويجري به وأبويه يصرخان من بعيد بجوار كوخهما ، كانت هذا المنظر يرعبني لدرجة أنني كنت لا أتحمل الاستمرار في مشاهدته أكثر من ثواني قليلة بعدها أقلب الصفحة بسرعة ، واتذكر أنني كنت أشعر باضطراب شديد وارتفاع نبضات القلب لمجرد رؤية هذه الصورة ، وبعد ذلك أصبحت أشعر بنفس التأثير لمجرد رؤية غلاف هذا الكتاب بدون تقليب في صفحاته  .
** وأتذكر جلوسي في البلكونة والنظر الى السماء وما بها من النجوم ، والقمر الذي يبدوا وكأنه يسير وسط السحب يتنقل من سحابة الى أخرى .
وعندما أسمع حوار في الأمور الدينية ويذكر كلمة ربنا ، فأنظر الى السماء لعلي أشاهد الرب الذين يتحدثون عنه ثم اتذكر ذلك الرجل العجوز ذو اللحية البيضاء الكبيرة الذي يأتي لاصلاح البوابير، ثم أقول في نفسي : قد يكون هذا الرجل هو رمضان الذين يتحدثون عن قدومه
** يوم آخر أسمع ضجيج في الشارع وادخل البلكونة فأشاهد الحاوي الذي يأتي بألعابه السحرية أو البهلوانية المدهشة .
** أو أرى الصعايدة يرقصون بالعصا وسط دائرة من المتفرجين وعلى صوت المزمار .
** ومن البلكونة ايضا أشاهد باهتمام شديد سيارات النقل الكبيرة المحملة بالابقار المعدة للذبح في مكان قريب ،  وكنت أتأثر كثيرا عندما أعلم أن هذه الحيوانات المسكينة في طريقها الى الذبح  .
** واتذكر الأحلام المزعجة التي تعقب رؤيتي لمنظر الدماء مع خروف العيد، فأحلم بمجموعة من الحيوانات المتوحشة تطاردني وأنا أجري أمامها بسرعة شديدة حتى أقع في حفرة من شدة التعب ثم استيقظ من النوم مذعورا واشعر بهبوط شديد كما لو كنت أسقط من ارتفاع عالي ولم أصل بعد الى الأرض  واكتشفت أن هذا الحلم يقولون عنه فيما بعد كابوس .
** اتذكر السطح المكتظ بالاشياء القديمة التي تحرص الجدة على الاحتفاظ بها .. منها أواني فخارية أو علب صفيح وقطع من الخشب المخروط ... وغيرها من الأشياء التي تثير التساؤل حول أهميتها واستعمالاتها .
** أعود الى التأمل في الطيور وسائر الكائنات التي تربيها الجدة بالسطح واراقب الأرانب وهي تلتهم البرسيم بشهية غريبة وتشاركها في هذه الشهية السلحفاة التي تنتهز هذه الفرصة لتناول وجبة خضراء بعد طوال سكونها في أحد الاركان . واتذكر البطة التي فقس بيضها عن بط صغير جميل المنظر، أسعد بالامساك به ومداعبته بيدي والاستمتاع بعضاته الرقيقة .
** والزير المقلوب وبه بعض من التبن لكي تبيض عليه الدجاجات ، ويالها من فرحة عندما اكتشف أكثر من بيضة بداخل الزير وسط التبن ذو اللون الذهبي الجميل  .
** والديوك ذات الريش الحريري الزاهي اللون واختلافها في ألوانها وطبائعها ايضا  فهذا ديك شديد الشراسة وآخر يمكن الامساك به .
** والدجاجة التي ترقد في صفيحة أو قفص تحت السرير أو فوق الصندرة والدجاجة التي تسير مع كتاكيتها تنقر لهم الأرض وتنكش لهم الطعام وكأنها تقول لهم ها هو الطعام .
** لم يكن السطح وحده ما يثيرني في شقة الجدة انما الشقة نفسها بما فيها من أثاث قديم وكراكيب كثيرة مثل البرطمانات والزجاجات القديمة والقوقعة الكبيرة التي كانت تستخدم طفاية  للسجاير .
** واتذكر القطة التي ترقد على الكنبة واراقبها في سلوكياتها القططية  تتحفز وتهجم على بكرة الخيط وتلعب كالاطفال الصغار وتعاكس جدتي وهي تخيط قصاقيص القماش لعمل البكرات التي ترسلها الى النساج لعمل المشايات .
** واسراب النمل التي تحمل حشرة ميتة كطعام يخزن في الشقوق كنت استغرق أوقاتا كثيرة في المشاهدة لطوابير النمل  المنظمة وكأنها السيارات التي تسير في طرق محددة
** والاراجوز في أيام الأعياد ، ذلك الكائن الغريب الشكل ذو اللون الأحمر الزاهي والصوت الحاد المميز له 
** أتذكر رحلة مدرسية في الصف الأول الابتدائي في عمرخمس سنوات  ولا أذكر في هذا اليوم إلا الظلام والاشكال الغريبة التي تتحرك على الشاشة الكبيرة علمت أنها كانت أفلام كارتون ...
** و رحلة لحديقة الحيوان وانطونيادس وأكثر ما اتذكره من هذه الرحلة الأوتوبيس العتيق ذو المقدمة البارزة وزحام السيارة والصخب والضجيج بها وفي الحديقة أكثر ما اتذكره لعبي بالضفادع الصغيرة التي كنت أستمتع بالامساك بها ومراقبة شكلها الصغير ، ولاحظت في الأحواض الصناعية أعداد كبيرة من أبو ذنيبة تسبح مثل الأسماك قبل تحولها الى ضفادع صغيرة .
** و الشيخ أحمد النجار بمنظره الغريب وهو يرتدي ملابس الشيوخ ، أتذكر أيضا في حصة هذا المدرس أنني كنت انتبه كثيرا الى هذا المدرس ولشدة اعجابي به رسمته في كتاب الدين واخترت منظر جانبي منه لتوضيح أنفه الطويل  ،وكان ذلك في الصف الثاني ومنذ ذلك الوقت اكتشفت انني أكثر قدرة من زملائي على رسم الاشخاص بمنظر جانبي  .
** وبعد ذلك بدأت امارس الرسم واستعرض مهاراتي أمام الزملاء وبدأت أتحرر من مقعدي بالفصل أثناء الخمس دقائق بين الحصص وارسم على السبورة بعض الشخصيات المشهورة مثل جمال عبد الناصر بأنفه وذقنه الطويلتين  ، ومحمد لطيف ( المعلق الرياضي ) بأنفه الغليظ  ، أو بعض المدرسين ذوي الملامح المميزة وكنت اتنافس مع زملائي على الرسم واتفوق عليهم .
**والشخصية الأخرى التي لا يمكن نسيانها في هذه الفترة هو الاستاذ/ اسماعيل صديق – مدرس الموسيقى بالمدرسة وله الفضل في توجيهي نحو  ممارسة الرسم كهواية عندما علم من زملائي أنني متفوق في الرسم فكان يطلب مني في حصة الموسيقى كراسة الرسم ويتصفحها بدقة ويطلب مني بالحاح شديد ألا اترك الرسم طيلة حياتي ، وظل يستمر في هذا الطلب حتى بعد انتهاء دراستي في المدرسة الابتدائية وعندما كنت أذهب لزيارته بالمدرسه وفاءا له
وكثيرا ما كان يرسم لي في كراستي شخصيات ميكي ماوس لكي يشجعني على تقليده
** واتذكرأن احدى المدرسات في المرحلة الابتدائية في احدى الحصص الاضافية لاحظت من رسومي أنني أجيد رسم الفيل فطلبت مني أن أرسم على السبورة الفيل ، وكررت لي هذا الطلب في أكثر من مرة مما جعلني أضيق بهذا الطلب واتمنى لو تطلب مني رسم حيوان آخر حيث كنت أحب رسم الحيوانات واجيدها.

** الشخص الآخر في المدرسة الابتدائية هو الاستاذ / محمود - مدرس العلوم بالصف السادس الذي كان يبسط لنا برسوم توضيحية أفضل من رسوم الكتاب  ومنه فهمت الدورة الدموية جيدا حيث كان يشرحها لنا كما لو كانت حكاية طريفة  عن رحلة الدم في جسم الانسان واعضائه المختلفة
** وكذلك شرحه للجهاز الهضمي بطريقته المشوقة وهي الرسم أثناء الشرح والتي جعلتني أفهم وأتتبع رحلة الطعام منذ أن يدخل الفم وحتى يمر على جميع أعضاء الجهاز الهضمي .
** وظلت هذه الطريقة وهي الرسم أثناء الشرح طيلة حياتي وخاصة  فترة عملي بالتربية والتعليم .
**في هذه المرحلة والمراحل التالية أيضا كنت أجد نفسي أكثرقدرة على تذكر الرسوم  والأشكال أكثر من تذكر العبارات  الانشائية ، وعندما تنبهت الى ذلك  اتخذت طريقة مبتكرة في المذاكرة وهي ربط العبارات الصعبة الحفظ بشكل معين بسيط يسهل تذكره بحيث يسهل استعادة العبارات الصعبة  من الذاكرة بمجرد تذكر الشكل المرتبط بها .
** وكانت مادة الجغرافيا  من المواد المحببة لي أيضا لأنني كنت استعين  بالخرائط في مذاكرتها  وكنت افضل رسم الخرائط بدون شفها ... واتذكر أن غضب مني أحد المدرسين عندما طلب مني شف الخريطة بدلا من رسمها باليد  وازددت عندا واصرارا على رسمها بيدي بدون شف .
** وفي أجازة الصف الثاني الابتدائي وفي عمر أقل من سبع سنوات أتذكر رحلة أسرية الى مدينة القاهرة  لقضاء خمسة ايام هناك من أجل تغيير جو لجدتي ( ام والدتي )  والتي كانت مريضة في ذلك الوقت .
** أتذكر النظر من بلكونة اللوكاندة الى ميدان العتبة وكل ما به من سيارات واوتوبيسات وترام والتروللي باص ذو السنجتين الدائمة الانفلات ، والتي ينزل الكمساري باستمرار الى توصيلها بالسلك
** واتذكر من المتحف المصري التماثيل الكبيرة المهيبة والتوابيت الضخمة المزخرفة والمنقوشة  وكنت أشب  باقصى استطاعتي لكي اشاهد ما بداخلها فربما أجد فيها شخص مدفون حسب معلوماتي التي عرفتها عن التوابيت .
** اتذكر المومياءات المحنطة التي يظهر منها أجزاء عارية مثل أصابع القدمين ، واتذكر الجو العام داخل المتحف كان رهيبا – لدرجة انني كنت أشعر بسرعة دقات قلبي  فكنت امشي بين التماثيل واشعر انها هي التي تراقبني .
** ظل تأثير هذا الجو الرهيب عالقا في ذاكرتي حتى أحسست به في مرة أخرى عندما كبرت والتحقت بالجامعة
** وخلال رحلة القاهرة القصيرة التي لم تستغرق اسبوعا كاملا اعتدت على شكل  الشوارع واتساعها ، واتذكر أنني بعد العودة الى الاسكندرية اندهشت للاوتوبيسات الزرقاء بدلا من الحمراء وأسأل والدي عن سبب اختلاف الالوان ، فيقول لي أن اللون الازرق يرمز الى البحر ، وبهذه الاجابة أجد في نفسي حبا وانتماءا لمدينتي الاسكندرية المتميزة ببحرها ، كما لاحظت أيضا اختلاف المسافة بين قضيبي  الترام حيث تصغر هذه المسافة في ترام القاهرة .
** أتذكر في المرحلة الابتدائية أيضا وخاصة في الصف الخامس والسادس ازدياد شغفي بالاطلاع على الجرائد  التي يشتريها والدي وخاصة النكات التي يرسمها الفنان رخا عن رفيعة هانم والسبع افندي وشخصية الحرامي بسترته المخططة ونظارته المميزة
 ** واتذكررسوم صاروخان عن السياسة وعبد الناصر وشخصية العالم العربي كرة أرضية ترتدي عقال والأمم المتحدة التي يظهرها في رسومه  كقطعة من الدومنو لها وجه انسان الى جانب  رسوم أخرى للزعماء في ذلك الوقت عبد الناصر- الاسد  - جونسون – نيكسون 
** هذا بالاضافة الى رسوم كاريكاتير حجازي التي كانت تتميز بخفة الظل والتي عرفت فيما بعد أنها تتميز بالبساطة المتناهية وعدم التكلف ، مما جذبني فيما بعد الى شراء مجلة صباح الخير  من أجل كاريكاتير حجازي
** واذكر في هذه الفترة ازدياد اهتمامي بالرسم – واتذكر اعجابي بمنظر الجامع المخطط باللون الأحمر والأصفر والذي رسمه لي خالي في كراسة الرسم
** ومنظر الحديقة  التي بعد أن أكملتها اضاف لي والدي عليها شكل كلب يمشي بها  فشعرت ان منظر الحديقة لم يكتمل إلا بعد رسم هذا الكلب وتنبهت الى أهمية وجود الاشياء الصغيرة والمتنوعة لكي تصبح اللوحة أقرب الى الطبيعة
** اتذكر برج المراقبة التي رسمته لي والدتي في لوحة عن المطار .
** اتذكر حديقة الحيوان التي رسمها أحد التلاميذ ( الزملاء )  وأعجبني فيها الشكل العام الذي يشبه الخريطة وموضح بها الأقفاص ، رغم أنني سمعت أحد المدرسين يوجهه بأن يركز في الموضوع عن جزء واحد من الحديقة وليست كلها  .
** أتذكر موضوعا للرسم  عن الحيوانات رسمته لي أمي عن قصة الارنب الذكي واتذكر من هذا الموضوع الزرافة الملونة تلوينا جيدا ، وحاز هذا الموضوع اعجاب أحد المدرسين وقام بتعليقه بالفصل .
** وفي السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية عندما أجد أحد الزملاء لديه علبة الوان كبيرة ولا يستطيع الرسم بها جيدا  ، أتمنى أن يكون عندي مثلها حتى الون كل شيء باللون الطبيعي بدلا من الألوان الغير واقعية التي أجدها في رسوم البعض .
** وعندما تحققت لي هذا الامنية وحصلت على علبة ألوان وأذكر أن أول موضوع ملون هو الأهرامات وابو الهول وحرصت في هذا الموضوع أن أعبر عن ميل الأرض في منطقة الاهرامات .
** وكنت شديد الاعجاب بالخط المائل ، وقد يرجع ذلك الى أن الخط المائل يوحي بالحيوية والحركة أكثرمما يوحي بالثبات الذي يعبر عنه الخط الأفقي .
** اتذكر ذهابي مع والدي الى بعض الأقارب ( كبار السن )  وكنت اقلب في الكتب القديمة عندهم  ومنها كتب مجلدة حديثا ذات رائحة الغراء الواضحة  والتي كنت أحبها لأنها ارتبطت بعملية التجليد والفرحة بالكتب الجديدة .
** ومن كتب الاطفال أتذكر كتاب به شرح باستخدام الرسومات عن كثير من المواقف والسلوكيات ومنها أذكر كيفية اتباع اشارات المرور ، وعدم التحدث مع السائق ، وآداب المائدة ، وصور من الريف المصري الذي لم أشاهده إلا في هذه الصور ، والالتزام باستعمال كباري المشاة للانتقال بين أرصفة القطار ولم اشاهد هذه الكباري بعد ذلك إلا بعد الذهاب الى كفر شيخ لكلية الزراعة فيما بعد  ويبدو أنها كانت رسوم للفنان بيكار وتمنيت كثيرا أن أعثر على هذه الكتب لاعجابي بها  
** اتذكر تقليبي لكتب التربية الدينية المصورة التي أذكر منها صورة الأصنام التي حطمها سيدنا ابراهيم  وضع الفأس على كبيرهم ، وصورة الحجر الأسود الذي يحمله المؤمنون .
** وصورة أصحاب الأخدود الذين يحترقون في النار التي أعدها لهم الحاكم الظالم، وهذه الصورة الأخيرة كنت أتأثر  بها بشدة واتخيل نفسي في حالة هؤلاء الناس .
** أذكر أنه من أحسن الهدايا التي حصلت عليها في هذه الفترة هو كتاب كان مقررا على السنوات الابتدائية  القديمة  واذكر أنني عندما تصفحت هذا الكتاب أعجبتني قصة سيدنا نوح وغير ذلك من القصص المصورة  .
** واتذكر شكلا رسمته في هذا الكتاب  بجوار صورة اصحاب الاخدود  وكنت أشعر بالفزع كلما قلبت صفحات هذا الكتاب وشاهدت هذا الشكل الذي رسمته بنفسي وقد يكون هذا الشكل ارتبط بموضوع شديد الصلة بالعقل الباطن .
** وأذكرفي المرحلة الابتدائية والاعدادية انني كنت ارسم مشاهد من قصة شجرة الحياة مقلدا في ذلك رسوم مجلات سمير وميكي
** وجدت الزراعة مجالا خصبا للتسلية والتأمل والتفكير وكنت أقضي أوقاتا طويلة في مراقبة النباتات  وملاحظة نموها اليومي وما يطرأ عليها من تغيرات في الورقة ولاحظت أنه من النباتات العادية ما له صفات تجعله كنبات زينة ومثال ذلك الترمس الذي تتميز أوراقه بالميل الى الزرقة وملمس وبري مميز.
** واثناء مراقبتي للنباتات كنت ألاحظ أيضا الحشرات التي تزور هذه النباتات وخاصة النمل الذي يبني بيوته في الطين حيث تقوم كل واحدة من النمل بحمل حبة واحدة ورصها بجوار فتحة الجحر ما لو كانت ترص طوب وتبني به سور لحماية الجحر .
** كنت أجد نفسي حائرا بين سقي الزرع وهدم بيوت النمل المحفورة في الطين .
** لكنني ارتحت عندما عرفت أن النمل باستطاعته وبصبره ان أن يعيد حفر جحوره مرة ثانية ويعيد كل شيء بسرعة ونشاط وألاحظ أن بعض الأفراد من النمل التي تضررت بالغرق من الماء فاقت ورجعت اليها حيويتها
** أترك عالم النبات والحيوان ثم الجأ الى العلب الكرتون المختلفة الاشكال والاحجام واصنع منها بيوتا وأشكال متعددة وأحاول صنع أشياء مبتكرة مثل عمل مكتب أدراجه بعلب الكبريت . واستعنت بعمل الاباجورة بزرار أبيض يمثل اللمبة وزرار أسود أكبرمنه يمثل الغطاء الذي يغطي اللمبة .
** وكنت أصنع فأر بهيكل من السلك والقطن لكي أقوم بتخويف الاطفال
** وحاولت أن استثير القطة بشكل هذا الفار ولكنها لم تهتم به  واستطعت أن استنتج أن القطة تعتمد على حاسة الشم في تمييز فريستها ولا يعنيها كثيرا اللون أو الشكل .
** واتذكر أنني أعجبت باسلوب والدتي الابتكاري وهي تصنع لأختي مسجدا باستخدام علبة كرتون مربعة استعانت بقشرة البيضة في عمل القبة لهذا المسجد على شكل نصف كرة وعندما تستعين بالفرو لعمل شعر العروسة .
** واذكر أيضا أن والدتي في فترات معينة وخاصة الايام السابقة للأعياد كانت تشركنا في تغيير أماكن الأثاث بالمنزل وتستعين برأينا كما لو كنا كبار واتذكر أنها كانت تجمعنا في احدى ليالي الأعياد للقيام بعمل أزهار بواسطة الخرز والسلك .
** وعندما أعجبتني الفكرة اتفقت مع اختي الكبيرة على عمل بعض الأزهار لتقديمها هدية الى الأم بمناسبة عيد الأم  وتمت عمل الأزهار ولكن المفاجأة لم تتحقق لأن الأم كانت تشاركنا في عمل هذه الأزهار .
** من أهم الرحلات المدرسية أثناء المرحلة الإعدادية رحلة الى برج العرب حيث ركبنا القطار من محرم بك ، وأذكر أنني قضيت الليلة قبل الرحلة في بيت جدتي بمحرم بك لكي توصلني الى محطة قطار محرم بك ،  وكان القطار هو أكثر متعتي في الرحلة يلي ذلك زيارة مزرعة مدرسة الزراعة والتعرف على حيواناتها وأكثرها الماعز ذو الشعر الطويل ونباتاتها وأكثرها نبات الزيتون الناضجة السوداء التي تقع على الأرض بعد نضجها .
** ومن هذا اليوم علمت أن ثمار الزيتون الخضراء هي ثمار غبر مكتملة النضج  أما الثمار السوداء أو البنية فهي ثمار ناضجة ، وعندما رجعت من الرحلة حكيت لأسرتي هذه المعلومة ، وفي هذه الرحلة ونحن في انتظار القطار كنا نحك الزلط على قضبان القطار لكي نشاهد الشرارة التي تحدث عند هذا الاحتكاك .
** كما رأيت في هذه الرحلة بعض الرجال والسيدات ممن يلبسون الزي البدوي الذي يختلف عن الصعايدة والفلاحين ، وأكثر ما أتذكره أنني لم اشترك في ألعاب كرة القدم مثل غيري من الزملاء الذين كانوا يعتبرون أن لعب الكرة هو أهم ما في الرحلة . 
** وأذكر في احدى سنوات الاعدادية كان الجدول يوم الأربعاء حصتان زراعة وأشغال ثم حصتان رسم ثم حصة هندسة ... كان هذا اليوم هو أفضل الأيام عندي ، وكانت حصة الزراعة تشمل استغراق كبير في تأمل نباتات الحديقة والتي منها شجرة الاستركوليا العالية التي تحتوي قرونها على مسحوق يطلق عليه بودرة العفريت ، ونبات المهلنبيكيا ذو الأفرع الشريطية الغريبة والجهنمية التي تحتوي على سيقان عجوزة يقوم الطلاب بالتسلق عليها واتذكر جلوسي بجوار عم حبشي ( الجنايني ) ومشاهدته وهو يقوم بتفريد نبات الاقحوان ، واسأله عن كل ما يفعله ، ويجيبني ، ثم أطلب منه أن يعيني الشوكة لكي أقوم بتنظيف اجزاء من الحديقة بها ، وكنت أستمتع بهذا العمل 
** وفي الحديقة اتذكر فسقية السمك التي تحتوي على سمك السورد الأحمر والأخضر وعلى سطح مائها يطفو نبات ورد النيل الذي تختبئ صفار السمك وسط جذورة العائمة ، وهذه المعلومات كنت استمدها من مدرس الزراعة عن طريق توجيه الأسئلة اليه . 
** أما في حصة الاشغال فكانت في النصف الثاني من العام وكنت شغوف بجميع الأعمال التي منها زخرفة الجلاد ثم تجليد الكتب به ، وكانت الزخرفة تتم باستعمال الأسفنج الطبيعي ذو الثقوب ، وأعمال أخرى تتم بواسطة قص قطع من الصاج على شكل أزهار أو أسماك أو طيور ثم لحامها بالقصدير على قاعدة من السلك يتم تجهيزها أيضا بواسطة لحام أسلاك أفقية مع راسية .
** أما في حصص الرسم فأذكر اشتراكي في مسابقة شينكار الهندية كل عام حيث كان مدرس الرسم يطلب مني كتابة بياناتي خلف كل موضوع رسم حتى يقوم باختيار الموضوعات التي تصلح لهذه المسابقة .  
** ولم يكن الرسم في هذه المرحلة قاصرا على الأعمال المدرسية فقد كنت أرسم في أي ورقة بيضاء أحصل عليها كما لوكانت رغبة جامحة تجعلني أحب شغل كل ورقة بيضاء حتى ولو كانت في كتاب المدرسة وقد كانت الصورة التالية من ذاكرة رحلة الى رشيد
** أما الصورة التالية فهي من ذاكرة تمثيلية ( عماشة ) التي كانت تذاع  في ذلك الوقت  للفنان محمد رضا الذي كان يمثل دور المعلم .
**ومن الرحلات الأسرية التي حرصنا عليها في المرحلة الاعدادية هي معرض زهور الربيع الذي كان يقام في الربيع ، حيث كانت تباع تذاكره في المدارس ، وكانت هذه الرحلات من أمتع الرحلات التي أتذكرها وأكثر ما كان يبهرني ويجذبني ممن الزهور هي زهرة البانسيه التي تشبه الفراشة وحنك السبع وزهرة البطة وروائح الزهور والنباتات بصفة عامة
** ومن أجمل المناسبات أيضا خلال هذه المرحلة هي مناسبة شم النسيم الذي حرصنا على الاحتفال به بتلوين البيض بواسطة قشور البصل وتناول طعام الفطور المكون من البيض المسلوق كوجبة أساسية ، وحرصت في المراحل اللاحقة على الاحتفال به لاعتباره عيد الربيع والعيد الذي تتجلى فيه أجمل مظاهر الحياة التي وهبها الله لجميع الكائنات ، وجعلها الله كتابا مقروءا لكل عاقل لكي يؤمن ويزداد ايمانا بوحدانية الله وقدرته وعظمته .
** ولكن في بعض الأحيان اسبح في خيالات وتطلعات أو طموحات كنت أعتبرها غير ممكنة وهي دخولي كلية الزراعة وامتلاكي لمزرعة صغيرة لتربية النباتات والحيوانات والدواجن ليس من أجل اكتناز المال أو لتحقيق مركز اجتماعي ولكن لاشباع رغبتي في التعرف على الحياه بصورها المختلفة المعقدة الغامضة  والتي تعتبر لغزا يجب السعي لأجل اكتشافه
** وكنت طيلة فترة الدراسة أتمنى أن استمر في دراسة المعلومات عن الأحياء ... وقد ترجع هذه الرغبة الى تعاطفي الشديد مع كثير من المخلوقات الضعيفة والتي كنت أرى أن الانسان قاسي جدا عليها .
** لذلك كنت أعدل عن تطلعاتي وأحلامي بشأن امتلاك مزرعة للطيور الى امتلاكي مزرعة لطيور الزينة
** أتذكر في أواخر هذه المرحلة وأوائل المرحلة الجامعية كنت أحاول اشباع  رغبتي في التآنس مع الحيوانات  وذلك من خلال زيارات الى حديقة الحيوانات  بمفردي وقضاء أوقات طويلة متجولا بين أقفاص الحيوانات ومتأملا سلوكياتها  الفطرية التي تشبه كثيرا لسلوكيات البشر الفطرية
** ولكن متعتي بالتجول في حديقة الحيوان لم تكن كاملة لأنني كنت أجد الحيوانات حبيسة داخل أقفاصها مثل السجناء
** كنت أشعر بهذا الشعور  وخاصة عند المرور باقفاص الاسود والنمور وبعض الحيوانات التي تدور في القفص بحثا عن الخلاص ، وعندما أشاهد الأسد محبوسا اتذكره في الغابة ملكا مختالا وليس محبوسا .
** وحتى جبلاية القرود كنت أجد أنها غير مناسبة  لحياة القرود  لأنها تنمي طباعا غير فطرية عند القرود مثل الاعتماد على الحارس في اعداد الطعام  لهم وظهور طباع الاستجداء الى الناس من أجل بعض من بذور السوداني أو أوراق الخس .
** كنت أتمنى أن اشاهد هذه الحيوانات في بيئتها الطبيعية  أو مشاهدتها في حديقة حيوان مفتوحة .
** اتذكر حرصي الشديد على مشاهدة برنامج عالم الحيوان  بالتليفزيون ، كنت أقدر جهود العلماء الأوروبيين في المحافظة على بعض الحيوانات من الانقراض وجهودهم في دراسة الكثير عن هذه الحيوانات
** وأذكر شرائي دليل حديقة الحيوان من موظفة شباك التذاكر ولاحظت مظاهر اندهاش عند الموظفة لهذا الطلب .
** اتذكر أيضا في هذه المرحلة ذهابي بمفردي الى المتاحف الأثرية لمشاهدة القطع الأثرية القديمة جدا  والتي تحمل معها المعاني والأفكار الكثيرة عن الزمن وقوة تأثيره على الأشياء
ومن هذه الاشياء التي أتذكرها جيدا هي قطع القماش المصنوعة من الكتان بالمتحف الروماني والتي كان يرتديها القدماء منذ آلا السنين
** كنت أقف أمامها طويلا  ليس تأملا في روعة النسيج او طريقته  أو الألوان، وانما رغبة في تخيل ذلك الزمان البعيد وتخيل  الشخص الذى كان يرتدي هذه الملابس  والذي صنعها والذي نسجها  ... الى أين ذهبوا هؤلاء ومتى ذهبوا كنت أشعر أنهم قريبين جدا مني  وصورهم أمامي وأن الزمن بيننا ليس طويلا  وانه بعد ألف سنة أخرى سيأتي من يشاهد آثارنا  وملابسنا
** أثناء وقوفي بين الآثار لا أجد صمتا بل ضجيجا  من الكلمات  التي تحكي عن الزمن  بأقوال حكيمة  تحتاج الى مزيد من التكر والتأمل
** وعندما شاهدني الحارس في احد المرات ظن أنني ابحث عن الباب  وقال لي ما معناه الباب من هنا .
** أتذكر وقوفي أمام المومياءات  المحنطة واتساءل هل هذا الانسان كان عادلا أو ظالما مرحا أم مكتئبا  أين ذهبت هذه الصفات ، لم يبق إلا الجسد  المحنط المجفف  ولكنه يحكي بصمته  الرهيب قصته مع آلاف السنين التي قضاها محنطا .
** كنت أفضل الذهاب بمفردي الى  المتحف والمناطق الأثرية  حتى استطيع أن أعيش حالات التأمل والتأثر بدون مشتتات
** ومن أهم الأماكن التي حرصت على التردد اليها حديقة الحيوان فقد كانت الملجأ لي عند الشعور بالضيق ، كنت أجد أمامي تفرعات الأشجار الكثيفة وثناياها الكثيرة وتشققاتها والطرق الصاعدة والهابطة والروائح الهادئة والروائح الحامية أيضا ، كلها كانت قراءات تسليني وتخرجني من همومي الى حد ما .
** وكانت بداية اهتمامي بقصر الثقافة في السنة الثالثة الثانوي وأجازة الصيف  كنت أجد ميلا لقراءة الكتب العلمية عن العلوم الطبيعية وعن علوم النفس والاجتماع .
** وفي هذه المرحلة الثانوية أرشدني والدي الى الالتحاق بقصر ثقافة الحرية وهناك اشتركت في المكتبة ثم المرسم والموسيقى وهناك كنت أقضي أوقات الفراغ ، مما عوضني كثيرا عن قلة أصدقائي وعدم توافقي الكامل مع الاصدقاء حيث أن معظمهم يميلون الى لعب الكرة بالشارع ولديهم اهتمامات أعتبرها عديمة القيمة ولا تجدي شيئا .
** ومن خلال قراءاتي كنت الاحظ ارتباطا بين العلوم وبعضها  ، ولكني أيقنت أن العلوم الدينية نوعا مستقلا من المعرفة لا يقبل  المناقشات  وانما يعتمد على ايمان فطري بالله وبالعقيدة ايمانا  يسمو فوق كل طريقة للتفكير والبحث والاستنتاج
** كنت أرغب أن يفهمني الناس جيدا ، وأكثر ما كان  يصدمني هو فهم الآخرين لي بصورة خاطئة حتى ولو كانت الصورة أفضل من الواقع .
** وفي الحقيقة أنني مازلت أعيش هذه المعاناة ، فالبعض يجدني هادئا خاملا رغم كل ما يدور في عقلي من أفكار كثيرة وقضايا ومشكلات معقدة  وفي قلبي مشاعر ملتهبة ، منها الحب المفرط والكراهية المفرطة أيضا
** كان الكثيرون يعتقدون أنني أعيش عيشة هادئة في ظل عائلة مستقرة لا يعكر صفوها أي من المشاكل 
** كنت أشعر بوطنية متوهجة  وانتماء الى بلدي العريقة  أحفاد بناة الأهرام والآثار الخالدة  وكانت من هواياتي في هذه الفترة عمل تماثيل بالصلصال ومنها تمثال لتوت عنخ آمون ، ورقص فرعوني .

**كما أنني - وبدون توجيه من أحد - كنت اقوم بعملية النحت على قطع من الجبس الصلب أقوم بصنعها بنفسي بواسطة عمل عجينة في كيس ورقي صغير ثم أتركه يتصلب ثم اقوم بالنحت عليه بواسطة مفك صغير أو مسمار ، وعندما كنت أقوم بالنحت اتخيل صورة التمثال في قطعة الحجر وأقوم بتوضيحها شيئا فشيئا بواسطة آلة النحت وكأن الصورة موجودة وأنا أزيح عنها الغشاء الذي يخفيها.
** ومن الأحداث التي حاولت رسمها حرب 6 أكتوبر فكان أكثر ما يشدني هي لحظة العبور بواسطة القوارب المطاط بكل شجاعة وبلا خوف من نيران العدو ، واذكر أنه كان يلازمني شعورين أثناء سماعي لأخبار الحرب في الراديو ومتابعتها في الجرائد ، شعور بالفرحة عندما أعلم أن أراضي مصرية قد تحررت  ورجعت الى الوطن الأم .
** والشعور الآخر عندما أسمع المعارك مستمرة على طول الجبهات  فكنت أتخيل جبهات القتال بما يدور فيها من عنف وقتل وتدمير والاحساس بالتألم على حال الجنود البشر الأبرياء المصريين والاسرائيليين أيضا والذين يتعذبون نفسيا وجسديا ، والحزن على الاسر التي فقدت ابنائها أو عوائلها وما يتبع ذلك من حياة تعيسة ، ولم أميل الى رسم القتل والدماء   .
** لم يكن حزني على الجنود الذين قتلوا وانتهت حياتهم بقدر حزني على المصابين الذين يعيشون طول حياتهم مع اعاقاتهم وآلامهم ، وحزني أيضا على معاناة أهلهم بعد فقدانهم .
 ** وعندما التحقت بمرسم قصر ثقافة الحرية واستمعت الى كثير من توجيهات وارشادات المشرفين أصبحت أفكر كثيرا قبل الرسم وقبل التلوين وقل انتاجي الى حد كبير ولاحظت أن أعمالي افتقدت الحيوية ، وشعرت أن يدا أخرى تعطلني وتمنعني عن الانطلاق ، وعندما لاحظت هذا التأثير قررت أن أطلق الحرية لنفسي ولخيالي في كثير من الأحيان
  ** وعندما كنت أرسم الطبيعة الصامتة لم تعجبني في كثير من الاحيان التكوينات التي وضعها لنا المشرف لرسمها فكنت أجد نفسي لا شعوريا أغير من مواقع الأشياء بما يروق لي وبما يجعل اللوحة تبدو كما أحب 
** ويبدو أنني كنت متأثرا بشموخ الأهرامات ووقفات التماثيل الفرعونية التي تنظر الى الافق البعيد بكل ثقة وثبات وكأنها تتحدى الزمن  وتقول لنا انني قطعة آثار باقية عبر الزمان  وشاهدت قبلكم أجيالا كثيرة .
** وفي فترة الثانوية العامة كنت أضع تخطيطا لدخول كلية الزراعة لأنني كنت أدرك أن مستوى تركيزي في الدراسة لا يؤهلني الى كلية الطب ، ودخلت امتحان قدرات الفنون بدون اهتمام مناسب لذلك كانت النتيجة غير لائق .
** وكان سبب عدم اهتمامي بالامتحان  أن الشائع عن كلية الفنون في ذلك الوقت ان خريجي الفنون يتم  تعيينهم مدرسين رسم ، وأن التدريس ليس من طموحي ، ولم يخطر ببالي أنه يمكن العمل مشرف بمرسم ، لأنني في هذه الفترة لم أتعرف كثيرا على مرسم قصر الثقافة ، ولم ارتبط بها كثيرا كما حدث فيما بعد في المرحلة الجامعية .
** وعندما ظهرت نتيجة التنسيق وعلمت أنني قبلت بكلية زراعة كفر الشيخ اشتدت فرحتى لدرجة كبيرة وشعرت بأن كل طموحاتي تحققت ، وأعجبتني الكلية بكفر الشيخ لما شاهدته هناك من مناظر طبيعية جديدة لم اشاهدها عن قرب من قبل ، منها الطرق الزراعية التي يحدها من الجوانب أشجار الكازورينا وصفير هذه الاشجار وروائحها وروائح حرق المواد النباتية أيضا ، وحيوانات المزرعة الخاصة بالكلية .
** بعد التحويل الى كلية الزراعة جامعة الاسكندرية ازدادت الأنشطة الفنية والاجتماعية وبدأ اهتمامي بالذهاب كثيرا الى قصر الثقافة حيث المكتبة وندواتها المختلفة والحفلات الخاصة بالقصر ومعارض الفن التشكيلي والتصوير وما غير ذلك
** وفي قصر الثقافة تعرفت على أصدقاء كثيرين يتعلمون الموسيقى  وغيرهم يتعلمون الرسم  وكانت صداقاتي من قصر الثقافة  أقوى واشد من صداقاتي بالكلية .
** وأذكر انني عندما اندمجت في الأنشطة  الفنية بالكلية واثناء احدى المناقشات المحتدمة مع أحد الطلاب من قيادات اتحاد الطلبة ، قال لي كلمة انك محتاج تفتيح . لم أنسى هذه الكلمة واعتبرتها دليلا على أن القيادات تحتاج الى مواصفات خاصة وهي التفتيح والذي يقصد به التحايل والمراوغة وما شابه ذلك ، وليست الكفاءة أو الموهبة .
**  في بداية السنة الثانية بكلية الزراعة ابتعدت عن  التعامل مع الزملاء الذين يختلفون عني في الطباع ولكنني وجدت أن ذلك سوف يسبب عزلة عن الكثيرين فعزمت على أن أوسع دائرة أصدقائي بحيث تشمل الكثير من الأعداد والطبائع، واعتبرت أن الكم الكثير من الاصدقاء أو الزملاء اتاح لي فرصة البحث والتجريب في عالم البشر، بل استطعت أن اتعامل مع أشخاص  اتخذوا ضدي موقف عدائي  ، وبأسلوب خاص استطعت أن أكسبهم كأصدقاء وذلك بالابتعاد عن الدخول في نقاط الاختلاف
** وحتى تزداد خبرتي الاجتماعية اشتركت في أسرة القناة التي كانت تضم كثير من الطلاب من محافظات القناة المهاجرين من حرب 1967.
** اشتركت معهم في رحلاتهم وحفلاتهم ومعارضهم التي كان منها معرض خاص بحرب اكتوبر ومنجزاتها  وكنت اشارك في المعرض بتنسيق المعروضات التي كان منها الصور وأجزاء من أسلحة ومخلفات الحرب، واشتركت ايضا معهم كمرشد في المعرض أشرح ما وراء المعروضات من حكايات وبطولات ، حتى ظن البعض أنني من أبناء محافظات القناة .
** وشاركت ايضا بعمل مجلات الحائط وكنت أقدم فيها المقالات الساخنة والكاريكاتير الناقد .

** واذكر أنني في السنوات الأخيرة بالكلية وأثناء عملي بالمزرعة كنت أجلس أحيانا وسط النباتات لكي أرسم الحيوانات أوالاشجار أو الأشخاص ، وفي احد المرات قمت برسم أحدهم بالقلم الرصاص مقابل جنيه واحد وقد كان الجنيه في هذه الفترة يومية عامل بناء ولكنني لم استمر في ذلك .
**والصورة التالية للراديو الترانزستور وسط الحشائش الخضراء بمزرعة الكلية حيث كنت أحب السماع اليه أثناء العمل بالمزرعة
**

** أما وعن مرسم قصر ثقافة الحرية فقد اكتسبت منه المعلومات والمهارات المختلفة وتدربت على الطبيعة الصامتة والمناظر الطبيعية والموديل وحضرت ندوات كثيرة جعلتني أعرف الكثير عن الفن التشكيلي الذي يجهل الكثيرين عنه
** كان ميلي الى الرسم أقوى من الموسيقى وكنت أشعر بموهبة حقيقية في الرسم أنفرد بها بين زملائي 
** ويبدو أنني كنت أفضل الرسم عن الموسيقى في هذه الفترة لأن الرسم يتيح لي الحرية للعب بالأقلام والألوان بحرية مطلقة في التعبير بدون التقيد الشديد بنوتة أو بلحن وضعه الآخرون .
** ومن المرسم تعرفت على أشخاص اتخذتهم قدوة في حياتي العامة وطريقة التفكير وهم من المشرفين بالمرسم ، وجدت فيهم طبيعة الفنان  والإنسان المتحضر الذي يفكر باتزان وموضوعية، الذي يقدر كل شيء مهما صغر ومهما اختلف عن المألوف .
** ولم أمارس الفن التشكيلي في المرسم إلا عن طريق لوحات قليلة اشتركت بها في معارض الهواة
** أما الذي مارسته كثيرا في هذا المجال الاسكتشات الحركية التي كنت أرسمها في أي مكان وعلى أي ورقة بأي قلم
** وكنت أعتبر هذه الاسكتشات ناجحة في التعبير عن الحالة أثناء الرسم تعبيرا دقيقا  مثل حالة انتظار – حالة توتر  تفكير رعب ... الخ
** وعن طريق التوجيهات من المشرفين استطعت ان اطور نفسي في رسم الاسكتشات واستطعت أن أفهم معاني كثير من المصطلحات عن الفن التشكيلي، وكثيرا ما كانت تقام ندوة في المرسم أو بمراكز ثقافية أخرى تقام فيها المعارض
** تعلمت كثيرا من النقد الموجه لاعمالي وأعمال غيري من الاصدقاء وأعمال الفنانين الكبار أيضا .
** كنت أجد تزايدا تراكميا في حصيلة معارفي عن الفنون التشكيلية .
** لاحظت أنني استطعت فيما بعد أن أعرف مواطن الجمال باللوحة وأقدر مدى نجاح اللوحة والسلبيات التي بها ، وتعلمت أن لكل عمل فني مواطن ضعف ولا يوجد عمل فني متكامل  يخلو من السلبيات وانعكست هذه المعلومة على سلوكي العام فأصبحت أتقبل  العيوب التي أواجها بصدر رحب  واعمل على اصلاحها بحكمة بدون اندفاع

** تعلمت من الفن التشكيلي ألا انبهر كثيرا لأي شيء غريب  في اللوحة الفنية أو أي عمل فني . 
** لأن الغرابة قد لا يصحبها الجمال وقد تكون الغرابة من أجل الإعلان عن شيء ما مثل سلعة تجارية  وما شابه ذلك مما يبعد عن أهداف العمل الفني .
** وأذكر أنني كنت أراقب المشرفين وهم يصممون اعلانات عن الندوات والحفلات بالقصر.
**وفي أحد الأيام حاولت أن أصمم اعلانا عن ندوة للمؤرخ الموسيقي فكري بطرس بناء على طلبه ، وعندما صممت الاعلان اكتشفت فيه نواقص كثيرة وسلبيات ، لم أعرفها إلا بعد التجربة العملية ، وكات لهذه المحاولة تأكيد على أن الشخص لكي يتعلم لابد وأن يجرب ، فالمشاهدة والتوجيهات لم تكن كافية لكي أصمم اعلان بسيط 
** استفدت كثيرا  من المناقشات التي كانت تتم حول معرض ما او لوحة معينة، ولكن يبدو أن كثرة  استماعي لهذه المناقشات كانت عاملا لتقليل انتاجي وتقليل التلقائية التي كنت انطلق بها .
** واشتركت في بعض المعارض المقامة بقاعة القصر وأذكر أن مفتتحي المعارض كان حسين صبحي وسيف وانلي وبيكار، وسعدت كثيرا عندما أجد نظرة اعجاب من هؤلاء الفنانين .
** وأذكر من المشرفين الذين استفدت منهم الكثير هم/ علي الدين الحكيم واهتمامه بالثقافة الفنية وكثيرا ما كان يستضيف لنا الفنان حامد عويس، والفنان عصمت داوستاشي، أحمد شاكر أثناء بداية عمله بالكلية .
** ومن المشرفين الذين تعلمت منهم قيمة التلوين بألوان الماء هو رأفت صبري .
** أذكر أيضا المشرف الفنان شاكر المعداوي، والذي دعانا في أحد الايام الى الذهاب اليه في قريته البرنبال التابعة لمركز مطوبس
** كما أذكر أيضا ذهابي الى المركز الثقافي السوفيتي والمركز الألماني ( جوتة ) لحضور المعارض والتي أتذكر منها الفنان/ ثروت البحر وأسلوبه المتميز بلوحاته النظيفة الهادئة التي تشبه أسلوبه في حياته العامة
** ومن أصدقاء المرسم حسن لابي الذي كان مولعا برسم أدق التفاصيل
وحسن عبد المنعم  ، وكان يعمل خراط ويتميز بأسلوب تلقائي


ويسري ضيف ذو الوجه المرح والذي عمل فيما بعد بجريدة الأهرام


 وسمير عودة  ، وكان له اسلوب تلقائي غريب جدا

وسلامة فؤاد وعصام وغيرهم
** وأذكر من قصر الثقافة خليل بدوي الذي كان يقوم بالتدريب على الخط وأعجبني في شخصيته شدة الحماس والالتزام الشديد بعمله، ولكنه كان يصطدم مع مشرفي المرسم بسبب ضحالة ثقافته في الفن التشكيلي ، ولم أتأثر بهذا الاصطدام والعداء أحيانا فقد كنت احترمه لشدة اهتمامه بعمله في تدريس الخط رغم أنني لم أمارس تعلم الخط  ولم تكن لي رغبة في ذلك . 
 ** قل انتاجي من الرسومات واقتصرت على الاسكتشات الحركية التي كنت أرسمها في أي ورقة تصادفني وفي أي مكان، ولكن ثقافتي ظلت تزيد في هذا المجال، واعتبرت أن ذلك ميزة وازداد اقتناعي بأن الفنون هي أسلوب حياة بغض النظر عن منتجاتها .
** وجدت أن الاسكتشات السريعة هي الوسيلة التي تناسبني في التعبير عن حالاتي المتقلبة  ، وكنت أنظر الى الاسكتشات السابقة كتسجيل جيد  للحالة كنت أعيشها .
** وعندما شعرت بأهمية الاسكتشات جمعتها من أماكنها المتفرقة وأجريت عليها انتخابا للأصلح منها ، كما جمعت أيضا قصاصات  من كراسات المحاضرات أو من تذاكر دعوات الحفلات والمعارض
** وكنت أسعد كثيرا عندما أجد رسومي تتطور شهرا بعد شهر وسنة بعد سنة
** وفي السنة الأخيرة بالكلية وما بعدها وجدت نفسي أميل الى رسم علاقات تجريدية بين مساحات بيضاء وأخرى سوداء  وعلاقات بين خطوط حادة  الاستقامة وأخرى مرنة ذات انحناءات لطيفة وعلاقات بين اشكال هندسية  وأخرى هلامية
** كنت أشعر بارتياح شديد لهذه الاشكال ربما لأنها كانت تعبيرا حرا عن الحياة الواقعية التي أعيشها  وما أشاهده فيها من خير وشر ، قوي ضعيف ، كبير وصغير .
** ورغم قلة ممارستي للرسم داخل المرسم إلا أنني لاحظت اعجابا من بعض المشرفين تجاه أسلوبي التلقائي  الذي يبدو منفردا عن الآخرين .
** وسمعت أحدهم يقول ذات يوم أن ( علاء عندما يرسم الطبيعة الصامتة يضفي عليها انطباعاته فهو لا يرسم الزجاجة زجاجة ولا يرسم الفاكهة فاكهة بل انه يرسمها كأشياء حية تتكلم ) 
** عندما كنت أرسم بالمرسم أو بغيره كنت أنفعل بالرسم وأجد نفسي غير عابئ بترتيب معداتي وألواني  وقد تنسكب الألوان  وتقع الفرشاة نتيجة لفتة سريعة أثناء الرسم وكثيرا ما كانت ملابسي تعلق بها الألوان  وكذلك يداي ووجهي أحيانا .
** ومن المعوقات التي كانت تعترضني أثناء الرسم أنني في بعض الأحيان أرسم بانفعال شديد وأجد ميلا الى الألوان الساخنة واللمسات السريعة ، وعندما أكمل هذه اللوحة في يوم آخر ليس به نفس الاحساس تفسد اللوحة ، لذلك كنت أفضل اكمال اللوحة في نفس اليوم .
** وعندما كان المشرفون يأتون لنا بموديل في المرسم وهي سيدة فقيرة تسعى للارتزاق من هذه المهنة  ، كنت أجد نفسي حائرا بين رغبتي لرسم هذه السيدة كانسانة فقيرة بائسة وبين رغبتي في رسمها موديل وي نهاية هذه الحيرة اجد نفسي رسمت شيء آخر .
** كنت أميل في الرسم الى التعبير بالحركة  أكثر من الاهتمام بالالوان  وعندما لاحظ والدي ذلك دفعني الى الذهاب الى قصر الثقافة حيث اشتركت بالمكتبة ثم اشتركت بالمرسم وتفوقت بالرسم بالفحم ، وذلك بعد أن عرفت قدراتي في التلوين ضعيفة
** وتعلمت من مرسم قصر ثقافة الحرية الكثير والكثير ، ليس في مجال الرسم فقط وانما في الأمور الحياتية العادية مثل احترام كل شيء وعدم الاستخفاف بالاشياء البسيطة ، وأن الفن انتقاء واختيار كما ان كل سلوكيات البشر تعتبر  انتقاء واختيار ايضا .
** وتعلمت من معارض الفنانين الكبار التذوق الفني والدرجات المتقدمة في الابداع ، وتعلمت من معارض الهواة البادئين كيفية تلافي الأخطاء وخاصة لأن الاخطاء كانت تبدو واضحة في معارض الهواة البادئين .

** تعلمت أن الفن التشكيلي كما هو أداء جيد فهو انتقاء واختيار وأن الفن التشكيلي بصفة عامة يعتبر معالجة ذكية لمشكلة شكل متواجد في لوحة أو مجسم في فراغ وهو معالجة الخطوط الحادة باللينة ومعالجة للاسود بالابيض ........الخ
** تعلمت أن الفن التشكيلي يرتبط ارتباطا وثيقا بالسينما حتى أصبحت أنشغل باللقطات السينمائية الجيدة حتى يفوتني خط الأحداث الدرامية في الفيلم 
** تعلمت ان الفن التشكيلي له علاقة بالموسيقى حيث يمكن ملاحظة الايقاعات في اللوحة والتوافقات بين الألوان كمثل التوافقات بين النغمات

** تعلمت من الفن التشكيلي التأني وعدم التسرع ، وكثير من اسس التعاملات الاجتماعية حيث اعتبرت ان لكل شخصية مفتاح لها كما أن لكل لوحة قانونها واسلوبها .

** ومن الرسم والموسيقى تعلمت أن الانسان لا يساوي شيئا أمام المعارف الغزيرة ومن الخطأ أن يعتقد ان الانسان انه اكتفى بما تعلمه .

** كنت أنتهز فرصة ذهابي بمفردي للقاهرة لأي غرض وأقوم بزيارة حديقة الحيوانات بالجيزة وغيرها من الأماكن  ، وفي كل مرة بالحديقة أجد أجزاء جديدة لم اشاهدها من قبل وهي مثل المنشآت القديمة والأشجار العتيقة والغريبة  .

** وعندما أشعر بالوحدة افتعل سؤالا لأحد المارة .... على سبيل المثال ( فين بيت الزواحف ) ( فين بيت الفيل ) ( دورة المياه ) .

** ومن معالم القاهرة الأخرى التي حرصت على زيارتها بمفردي المصري الذي بهرتني آثاره وجعلتني أتذكر طفولتي البعيدة عندما زرت هذا المتحف في سن السابعة تقريبا فوجدت التوابيت  التي كنت أتسلقها وقد بدت بحجم أصغر مما أتذكره .

** ومن المناطق الهامة منطقة الاهرامات ، والتي كنت أقرأ فيها تاريخ طويل واعجاز كبير وتساؤلات محيرة ، وكيف يمكن أن تلتقي الأربعة أضلاع في نقطة واحدة هي قمة الهرم وكيف يحدث ذلك بالتعامل مع أحجار كبيرة وغير منتظمة الحجم ، وتذكرت مقولة ( ان سنينا طويلة تطل عليكم ) 


** بعد الانتهاء من المرحلة الجامعية التحقت بالخدمة العامة ( بدلا من الجيش ) وكان ذلك في مقر الحزب الوطني بالمنشية وكان ذلك ليلا وعندما وجدت ذلك يعطلني كثيرا عن الذهاب الى قصر الثقافة الذي اعتدت أن أمارس فيه أنشطتي الكثيرة .

** طلبت من المسئول بالحزب الموافقة على نقلي الى قصر الثقافة ولم يوافق على نقلي إلا بعد تعقيدات كثيرة ، والحاحات وانتظارات  لمكالماته التليفونية التي لا تنتهي وكأنه يعمل في مركز أبحاث الفضاء .

** لم يوافق إلا بعد تأجيلات تلو التأجيلات وصيغات من التأشيرات المعلقة ، رغم أن الأمر لم يكن مستدعيا لهذا التعطيل

** وبعد فترة شهرين قضيها في الخدمة العامة في الحزب الوطني انتقلت الى قصر الثقافة لتأدية بقية المدة تحت عنوان مشرف بالمرسم. ولم يكن هذا المكان غريبا بل هو مكاني الذي أقضي فيه أحلى أوقاتي في هذه الفترة، وفي هذه الفترة كنت ازيد من نشاطي في تعلم الموسيقى والرسم وقراءة الكثير عن الفنون بصفة عامة .

** عندما بدأت السفر الى العراق بعد انتهاء الدراسة والخدمة العامة وعند صعودي الى الطائرة اخترت  مكاني بجوار النافذة  وتمتعت بمناظر لأول مرة أشاهدها كنت أراقب اتجاهات الطائرة من خلال اتجاه الشمس من الشباك واراقب ارتفاعها من خلال أحجام المباني ووضوح سطح الأرض

** لاحظت الجبال وقد رسمت عليها خطوط كروافد الأنهار علمت بعد ذلك انها مسارات صنعتها السيول.

** لاحظت أن المناطق الساحلية بها سحب تحجب ماتحتها ، وأن السحب تبدو من بعد وكأنها بقع بيضاء  ملتصقة بالارض

** لاحظت أن مياه البحار تختلف في ألوانها تبعا لصخورها أو رمالها أولعمقها أو ضحالتها

** وكانت السفن تبدو كنقطة أو خط صغير تتبعه خطوط الأمواج التي صنعتها الرفاصات .

** ألاحظ المدن الصغيرة أو القرى كتجمع من النقاط تتصل بها خطوط وجأنها أرجل العنكبوت ، استنتجت أن هذه الخطوط هي الطرق المؤدية الى المدينة .

** اسرح بأفكاري واستنتج ان الانسان شيء صغير جدا في هذا الكون وكأنه كائنات ميكروسكوبية تعلق بقطرة ماء أو كسرة خبز، وأن النشاطات والصراعات والاستعراضات ما هي إلا تفاهات في هذا الكون الكبير .

** لاحظت من خلال الطائرة اللمسات الانسانية التي يتركها الانسان في الطبيعة كمثل اللمسات الانسانية التي أجدها في لوحة فنية .

** لاحظت أيضا ظل الطائرة وهو يبدو كمثل علامة زائد (+) واستنتجت أن طائرتنا يشاهدها الناس من تحتنا بهذا الحجم الصغير .

** لاحظت في المناطق الجبلية أن بعض المناطق في أحد جوانب الجبل تبدو وكأنها أكثر اظلاما من االجانب الآخر

** لاحظت حركات الروافع الملحقة بالجناح واختلاف حركاتها تبعا للارتفاع أو الهبوط أو تغيير الاتجاه.

** لاحظت ان الطائرة عندما تميل أثناء دورانها يبدو سطح الأرض والجبال وكأنها حائطا في مواجهة شباك الطائرة

** في أول سفرية اعتقدت أننا أخذنا طريق البحر المتوسط ولكن في السفريات الأخرى التالية علمت أنها تتخذ مسارها فوق خليج السويس ثم تعكس اتجاهها لتسلك طريقها فوق خليج العقبة .

** كانت الطائرة في الرحلة الأولى صغيرة نسبيا وبأجنحتها توجد مراوح ، وتعرضت لمطبات هوائية شديدة لم تكن مرعبة لثقتي في أنها عادية ، وعلمت بعد ذلك أن مسارات الطائرات غالبا ما تكون فوق البحار لأن سطح البحر مستوي ومتجانس ( يحتوي على الماء فقط ) وأن هذا الاستواء والتجانس يجعل فروقات الضغط قليلة مما يقلل من المطبات الهوائية .

** عندما وصلت الطائرة الاردن شاهدت مدينة عمان ومكانها وسط الجبال وعندما نزلنا بالطائرة في مطار عمان كان المطار هادئا جدا بالنسبة لمطار القاهرة ،  وكأنه لا يوجد به عاملين ، وكأننا في محطة أوتوبيس ، والجو لم يكن حار بل كانت نسمة لطيفة أشاعت جو من الاطمئنان  .

** بعد الانتهاء من اجراءات الدخول الى الاردن وتغيير العملة أخذت حقيبتي المتوسطة الحجم التي بها ملابسي والحقيبة الأخرى السمسونايت  التي أحمل بها الأوراق الهامة وبعض الكتب  وسرت بمفردي في شوارع الأردن المحيطة بالمطار أفكر في الخطوة القادمة بكل هدوء ، ووجدت السائقين الاردنيين يصيحون على منطقة الزرقاء التي منها يتم حجز الباصات المتجة الى العراق ،

** وعانيت كثيرا في رحلة  الباص من الاردن الى العراق ورغم المعاناة الشديدة إلا أنني لم أتخلى عن طبعي في مشاهدة الطريق رغم قسوته من حيث الأتربة والحر الشديد في ذلك الوقت

** وعتدما نزلت الى بغداد عزمت على الذهاب الى مكتب سياحة للحصول على خريطة للعراق وخريطة لبغداد ولاحظت استغراب من الموظفين العاملين بالمكتب لأنهم لم يعتادوا في ذلك الوقت على أن يأتي اليهم مصري بغرض السياحة .

** واخترت أماكن بحثي عن العمل من خلال هذه الخرائط والمعلومات بحيث اذا لم يوفقني الله في العثور على عمل فقد حصلت على متعة بصرية ونفسية وعقلية بزيارة الأماكن المختلفة .

** ومن الملامح الشرقية التي لاحظتها عند ارتيادي لعديد من الأماكن بالعراق هي الوحدات الزخرفية المتكررة التي توجد في البيوت وفي السيارات والتي تتدلى منها الشراشيب التي تذكرني بالشراشيب المتدلية من الجمال

** في البداية عندما كنت أجد العربات الكارو مزخرفة بالقطع الملونة والفوسفورية وعلى الحمار أيضا توجد الأربطة الملونة بألوان زاهية ، أعتقدت أن ذلك لغرض التجميل فقط ولكن لاحظت أن لذلك غرض وظيفي لحماية العربة من التصادم .

** وقد تأكد لي ذلك من بعض المحادثات ومشاهدتي أيضا لشخص يقود عجلة ويربط في كلتا ساقيه رباط  بلاستيك عاكس ، كما أن أحد الفلاحين فيما بعد عندما سألته عن سبب دهان العصا فقال لي علشان الكلاب تشوفها بالليل وتخاف منها .

** وعندما أذهب الى المتحف البغدادي في قلب بغداد بجوار أحد الاسواق العتيقة المظللة الموازية للنهر وأجد فيه تماثيل الشمع توضح حياة البغداديين في الماضي القريب  وفي الاحياء الشعبية التي مازالت موجودة  ومع هذه التماثيل توجد تسجيلات صوتية مصاحبة للتماثيل التي توضح حياة العراقيين في البيت وفي مناسباتهم مثل حفلات الزواج  والمآتم والمقهى والتخت والباعة المتجولين وبائع العرقسوس وبائع اللبان وأصحاب الحرف 
** بزيارة هذا المتحف خرجت ببعض النتائج والتساؤلات ، أن أصولهم مشابهة تماما لأصولنا كما لوكنت أشاهد منزل جدتي وبالتأكيد جميع الدول العربية من الخليج الى المحيط ، وأن القومية العربية حقيقة لا يمكن تجاهلها وأن محاولة الخروج عن هذه القومية التي تسري في الدماء ليست إلا نوع من العبث والحماقة

** وأكثر ما كان يعجبني في بغداد الأسواق الشعبية وما بها من صناعات شعبية  وفنون تلقائية وسوق الصفافير وأصوات دقدقة النحاس للنقش عليه بالاضافة الى الروائح العطرية المنبعثة من محلات العطارة .

** وظل الفن التشكيلي يلازمني في كل خطوة وفي كل مكان وفي كل اختيار فعندما عملت في منطقة ريفية بالعراق كنت أستمتع في كل لحظة بما أشاهده من مناظر طبيعية تجذبني وتجعلني أنظر اليها وكأنني أقرأها ، حرصت أن أزين المكان الذي أعيش فيه برسوم الاطفال الصغار دون الكبار وكنت أسعد كثيرا عندما اجد التلقائية التي تجعل طفل صغير يرسم النخيل ويرسم الشمس والحيوانات وكأنه يحكي عن انطباعاته وحياته العامة بالقرية

**وحرصت على الذهاب الى أماكن كثيرة بالعراق ومنها الموصل واربيل ومن هناك شاهدت الجبال عن بعد والتي يكسوها الجليد ويبدو ارتفاع الجليد في كل جبل على ارتفاع ثابت ويسكل خط ( مسطرة ) يمتد بين الجبال ، كما استمتعت في ابريل بجبال تكسوها الخضرة والأكراد بزيهم الشعبي بألوانه الزاهية ومن الطريف  أنني كثيرا ما لاحظت رجل كردي يصطحب ابنه معه والاثنان يلبسان الزي الشعبي فيبدو كأن الابن صورة مصغرة من ابيه . 

** ومن اربيل اشتريت مشغولات يدوية من صوف الغنم و( طاقية ) بها ألوان كثيرة وكان ذلك على سبيل الذكرى  .

** وأذكر انني عندما ذهبت لأسواق التحف لشراء تحف تذكارية من بغداد أطلعني التاجر على رسوم لتوت عنخ آمون ، وبسرعة استشعر التاجر لرفضي فقال لي : أدري انت عايز شغل عراقي واشتريت من عنده أطباق بها نقوش عراقية .

** وعند قرب انتهاء عملي بالعراق تعمدت أن أذهب الى القرية التي عملت بها لكي أودع النخيل والأشجار بها والتي كنت أأتنس بها أثناء تواجدي بجوارها .

** وعندما رجعت من العراق في عام 1983 والتحقت بعملي بالتربية والتعليم مدرس تربية زراعية اتجه اهتمامي الى الوسائل التعليمية وكان أول معرض للأنشطة بالادارة يطلب فيه عمل مشروع ، وعندما بحثت عن  طريقة عمل المشروع عرفت انه مجرد لوحة كبيرة تعرض في المعرض .
** لم يعجبني أن المشروع يكون مجرد لوحة فعزمت أن اقوم بانشاء مشروع فعلي انتاجي عن دودة القز وتعرفت على الأماكن التي تشترى منها وسائل الانتاج وقمت بعرض المشروع في شكل نماذج حية من اليرقات مختلفة الأعمار والبيض والشرانق وخيوط الحرير ونسيج الحرير وكل ما يخص تربية دودة القز بالاضافة الى تصميم علبة يتم فيها وضع دودتين مع ورقة توت لكي تباع للطالبات بسعر ربع جنيه ومعها كيس صغير به بعض الأوراق يباع أيضا بربع جني وغطاء العلبة مرسوم عليه من الخارج دورة حياة الحشرة ، ومن الداخل مكتوب عليه ارشادات للتربية بخط الآلة الكاتبة .
**وحرصت على أن الطالبات هي التي تقوم ببيع هذه العلب وعندما كان يجادلني أحد المتابعين في ذلك اقول لهم ان ذلك يعتبر كمذكرة تعليمية مثل المذكرات التي تباع للطلبة

** كان ذلك بالاضافة الى تصميم لوحة بعرض لوح ابلكاج كامل عن كل ما يخص تربية دودة القز ، ومما أثار الدهشة أثناء متابعة المعرض أنني كنت أعرض الأعمار الصغيرة لدود القز ومعها عدسة مكبرة يستعين بها الزائر للمعرض .

**وفي فترة عملي بمدرسة القباري ابتدعت العديد من الوسائل التعليمية منها لوحة عن تربية الارانب بمساحة لوح ابلاكاج كامل وحرصت أن استخدم لهذه اللوحة فرو الأرانب وكنت اذهب الى سوق ( باب عمر باشا ) للوقوف بجوار البائعة التي تقوم بسلخ الأرانب واشتريت منها 11 فروة  وذهبت بالفرو الى المدرسة حيث قمت مع الطالبات بتمليح الفرو وتجفيفه بالشمس وبعد الانتهاء من اعداد الفرو ذهبت الى المنشية لشراء صبغة بلون أصفر وطلبت من البائع صبغة صوف ولم أقل له صبغة فرو حتى لا يندهش البائع .

** وفي هذه الفترة اشتريت ارنبة بمالي الخاص على وشك الولادة وعندما ولدت قبل المعرض بيوم لم أعرضها  للمحافظة على ولدتها وربيتها و صغارها  الستة بالمعمل أمام أعين المئات من الطالبات ، غير عابئ بما يقال عن حسد الأرانب وابعادها عن الرؤية ، وكبرت الست أرانب حتى تم ذبحها دون تأثر بالحسد . 

** وعندما صممت لوحة كبيرة عن الارانب حرصت على استخدام فرو الارانب في أجزاء كثيرة من اللوحة ، واحتاجت اللوحة عدد 11 فروة أرانب ، كنت انتظر بجانب البائعة في العطارين لكي يكتمل عدد الفرو الذي أحتاجه ، وعندما توجهت الى سوق الخيط لشراء صبغة للفرو كنت أقول للبائع عايز فروة صوف حتى لا يندهش عندما أقول له صيفة للفرو.

** وحرصت أن تشترك معي أكبر عدد من الطالبات في دبغ الفرو وفي تلوينه وفي تركيبه ، كما كنت أحرص أيضا على أن يشترك أكبر عدد في رؤية خطوات العمل .

** وفي سنة تالية عزمت على أن يكون المشروع عن تربية البط  وتم تصميم لوحة  عن أنواع البط حرصت أن أجمع ريش من كل نوع الدمياطي والسوداني والبكيني ولكني لم ألتزم أن يكون الريش ريش بط بل التزمت بلون الريش فقط  . 

** وعندما قررت عمل مجلة  عن الطيور صممت أن يكون منتصف اللوحة رأس ديك يخرج من رسمة فرعونية على شكل جناحين ، وبحثت في الأسواق عن ديك لعبة لكي أقطع رقبته واضعها في مكانها وكان سبب اختياري للديك لأن الديك يعبر عن الاعلان ، ورغم أن هذه اللعبة كانت متوفرة إلا أنني لم اعثر عليها بالاسواق فقررت ان استخدم رأس وزة بدلا من رأس الديك .

** بعد انتهاء حصة التربية الزراعية كنت ارسل الطالبات أثناء فترة الحصص لكي تقرأ مجلة الحائط وتعود الى الفصل لتروي للفصل ما قرأته ، وكانت هذه الفكرة من أجل تحقيق أكبر فائدة من مجلة الحائط ، كما كانت لها فائدة لمعرفة أي الموضوعات جاذبية للطالبات .

** ولا يمكن اغفال ان كثير من مهارات الفن التشكيلي افادتني في عمل وسائل تعليمية أفادتني في مجال التربية والتعليم كما أن الثقافة النظرية ايضا جعلتني أتناول الأعمال بنظرة دقيقة وشاملة وليست سطحية وعلمتني ألا أنبهر بالأعمال والأفعال ذات المظاهر الخلابة ولكنها خاوية في معانيها

** وعندما اخترت أن يكون لي عملا اضافيا فضلت أن يكون له علاقة بالهوايات التي أحبها وهو بيع وشراء وتربية كائنات الزينة التي تشمل الطيور والأسماك وغيرها وخلال هذا العمل لم يحدث نمو كبير في التجارة لأنني كنت أستخدم مكان عملي وهو غرفة الدور الأرضي في أنشطة أخرى غير تجارية ، وعلى سبيل المثال اعتباره امتدادا للعمل بالتربية والتعليم فكنت أستخدمه لعمل وسائل تعليمية ، وللاطلاع والقراءة وللالتقاء مع الأصدقاء في العمل والأصدقاء في الهوايات .

** وفي هذا المكان  كنت اصنع أشكالا كثيرة مبتكرة من القواقع والمحار وغيرها من المواد الطبيعية وكنت ابيعها الى تجار قلعة قاية باي وبير مسعود، الذين كانوا يتهافتون على منتجاتي ، ولاحظت أن مبتكراتي يتم تقليدها لدرجة أنني عن ذهابي الى طنطا لمراقبة الثانوية العامة وجدت أحد الباعة هناك يعرض فازات من ابتكاري ولكنها مقلدة وليست من أعمالي التي كنت أشعر بها وانها توقيع خاص بي  .

** وعندما كنت أقوم بعملية الابتكار للأشكال اتذكر دائما الارشادات الفنية التي كنت أتلقاها من مشرفي مرسم قصر ثقافة الحرية والمناقشات والآراء التي كنت أسمعها من الفنانين والمشرفين هناك ، وعلى سبيل المثال أنني كنت أحرص على عمل تكوين عام للقطعة المبتكرة مقبول فنيا ، على تحقيق علاقة شكلية بين القواقع وبعضها، وكأنها نغمات موسيقية متآلفة ، وكنت اختار الألوان الشاحبة المشابهة لألوان الطحالب البحرية  .

** ومن الاشخاص الذين أعجبوا بأعمالي واهتماماتي هو السمان الذي صمم قرية الاسد فيما بعد ، فقد كانت بداية اهتمامه بالمواد الطبيعية من المحل ، فكان يصر بشدة على شراء الصخور الغير معروضة للبيع ، وغيرها من فروع الاشجار الغريبة والشعاب المرجانية ، وعندما أعجب بتمساحين صغيرين ( 30 سم ) اشتراهم وكانت سببا لتسمية محله التمساح بدلا من ( السمان ) وبعد ذلك صمم قريته ( قرية الاسد )  بناء على اهتمامه الزائد بالمواد الطبيعية .  

** وفي هذا المكان كنت أقضي الساعات أيضا اتصفح الكتب التي اشتريها بأثمان غالية عن طيور الزينة وأسماك الزينة وكانت كتب أجنبية من مصادر موثوق بها وكنت أبذل الجهد الكثير في ترجمتها والعثور على المعلومات التي تفيد الهاوي ، والفت عديد من النشرات منها تربية الكائنات الحية ، تربية طيور الزينة ، التقسيم العلمي لطيور الزينة ، تربية أسماك الزينة التقسيم العلمي لأسماك الزينة ، الاسماك الولودة ، العصفور الاسترالي ، الكوكاتيل ، خطوات عمل حوض الأسماك ، النباتات المنزلية وكانت تباع النشرة بربع جنيه ولكن لم يتم بيع الكثير منها لأنها لم تكن ملونة .

** وأذكر ان في أثناء عملي بتوجيه التربية الزراعية ومتابعة مدرسة خورشيد سكة حديد ، كنت أشاهد في طريقي شخص يصنع العديد من السلال باستخدام البوص الأخضر وعندما لاحظت شكلا غريبا من هذه السلال يشبه ( البلاص )  الفخاري ، طلبت منه أن يصنع لي سلة بحجم كبير جدا ، وحدث ذلك واشتريت هذه السلة واستأجرت لها مكان في  الميكروباس يكفي ثلاثة أشخاص ، وارسلتها الى محل الأسماك ( الحجرة بالدور الأرضي ) وعندما لم أستطع ادخالها من الباب  وضعتها على السلم وكنت أدفع بناتي  للعب بها  والدخول فيها . 

** وأذكر أنني في هذا الطريق اكتشفت عدة مشاتل تبيع الزهور بالجملة بأثمان زهيدة جدا وفي أحد الايام الموافقة لعيد ميلاد احدى بناتي اشتريت كمية كبيرة بمبلغ عشرين جنيه تقريبا واستخدمتها لتزيين عيد الميلاد ، ومن كثرة الزهور ملأنا الكثير من الفازات وجميع الأوعية والأكواب المتاحة لنا في المنزل وأصبح المنزل كله ملون بالزهور ، ولاحظت أن بعض الزهور الجافة مثل الاستاتس استمرت لمدة كبيرة بعد عيد الميلاد

** ومما اجتمعنا عليه في الاسرة هو الميل الى التزيين بالمواد الطبيعية فيمكن أن نستخدم صخرة طبيعية كزينة في الصالة أو قوقعة أو سمكة محنطة أو مجموعة من البيض مختلف الاحجام من أول بيض النعام الى بيض العصافير ، وسعدت يوما بأن ابنتي قد لصقت رأس العروسة المقطوعة مكان رقبة وزة ، وما شابه ذلك من الأعمال الظريفة .

** وكنت دائما أؤكد أنه يمكن عمل ديكور من تراكيب تجمع أشياء مهملة ، فالتليفزيون الصغير يعتبر زينة والبروجيكتور القديم وغير ذلك ، وتعمدت أن أحصل على الراديو العتيق والساعة العتيقة من منزل الجدة وأضعهما فوق المكتبة العتيقة التي اشتريتها من قبل بفلوس العمل بمزرعة الكلية وصنفت محتوياتها الى كتب زراعية ، وكتب نباتية ، كتب علمية ، وأدبية .

**  وأثناء فترة عملي بالتوجيه ساهمت مساهمة كبيرة في المعارض فبعد أن كنت مهتما بمدرستي أصبحت مهتما بالعديد من المدارس وعلى سبيل المثال ساعدت احدى المدارس في عرض نبات البردي عن طريق ارتداء الطلاب زي فرعوني وأتيت بنبات بردي حقيقي وعلمتهم كيفية صناعة ورق البردي بحيث يكون العرض فيه حركة ولا يعتمد على لوحات فقط .

** وأثناء معارض التربية الزراعية السنوية ساعدت الكثير من المدارس في الاشتراك بعرض  عن تربية الحمام وأنواعه الكثيرة ووجهتهم الى تأجير أنواع عديدة من الحمام ، ومدارس أخرى وجهتهم الى عرض عن السمان  ، وأخرى عن البط ،  وأخرى عن المزارع السمكية ، وأخرى عن تحلية مياه البحر  باستخدام اشعة الشمس وسطح تبريد مائل ينقل الماء المكثف الى وعاء آخر ، وفي كل موضوع كنت اقدم أفكار مبتكرة لا تكفي الأوراق لذكرها . 

** وكنت استعمل خامة الفوم والألوان المناسبة  في عمل جبلاية صبار ، وأشكال تناسب عروض الحمام والسمان والبط ، وفي تصميم حديقة هندسية وأخرى طبيعية وتصميم جبلاية صبارات

** تكرر ذلك في عرض للبيئة الزراعية وما بها من أعمال الخبز وتربية الطيور وما شابه ذلك وأضفت لهذا المشهد عزف لأغنية يا حضرة العمدة  وغيرها من الاغاني الريفية على البانفلوت البلاستيك كما اقترحت عليهم اشعال البخور لاضفاء رائحة مناسبة للعرض .

**ولما كانت اهتماماتي ونشاطاتي في العمل لم تلاقي الصدى المناسب عند الآخرين ركزت الاهتمام بأسرتي الصغيرة وتربية بناتي وفق المبادئ التي اقتنعت بها واتخذت عهدا منذ عام 2006  ان نذهب في كل أجازة نصف العام الى القاهرة نبيت فيها ليلتين أو أكثر،  خلالها نذهب الى الأماكن التي لا تدرج غالبا في الرحلات الجماعية وهي على سبيل المثال المتحف المصري ، المتحف الزراعي  ، الاسلامي ، القبطي ، متحف مختار ، قصر عابدين ، متحف سعد زغلول ،  شارع المعز ، سبيل محمد علي ، باب زويلة ، القناطر الخيرية ، برج الجزيرة ، عيون حلوان ، حديقة الازهر ، الحديقة الدولية ، الحديقة اليابانية ، منطقة الأديان ، ومعرض الكتاب  .

** أما الاماكن الأخرى التي تتكرر كل عام وتعتبر مثل الثوابت  هي حديقة الحيوان  لاعتبارها من الأماكن الثرية بمحتواها من الحيوانات والتنوعات النباتية ، والتنوعات الانشائية ، والقيمة الأثرية للحديقة ومنشآتها المختلفة ، ومنطقة الحسين باعتبارها من أجل الترفيه والتنزه في خان الخليلي وشراء بعض الأشياء ، وتناول المرطبات ، وحفلات الأوبرا المتنوعة ، ومعارض الفنون التشكيلية

** هذا الى جانب المتحف المصري

** كانت لرحلة القاهرة في فترة نصف السنة الدراسية أهمية كبيرة جدا ولا يمكن الاستغناء عنها فرغم اشتراكنا في رحلات أخرى تابعة للمدارس أو الادارة إلا أننا كنا نحرص على الالتزام بهذه الرحلة، وكنا نشعر بالانتماء الى المناطق التي نبيت فيها  شارع عبد العزيز وشارع محمد فريد وشارع محمد علي والأماكن الشعبية التي كنا نفضل التجول بها .

** كانت لرحلة القاهرة في فترة نصف السنة الدراسية أهمية كبيرة جدا ولا يمكن الاستغناء عنها فرغم اشتراكنا في رحلات أخرى تابعة للمدارس أو الادارة إلا أننا كنا نحرص على الالتزام بهذه الرحلة، وكنا نشعر بالانتماء الى المناطق التي نبيت فيها  شارع عبد العزيز وشارع محمد فريد وشارع محمد علي والأماكن الشعبية التي كنا نفضل التجول بها .

** وفي عام 2007 وبعد نقلي الى مدرسة عبد الرحمن الفارسي الاعدادية للبنات كثفت جهدي في الأنشطة الفنية و طورت المجلة الشهرية وجعلتها الكترونية يتم تدوينها في مدونة الكترونية باسم المدرسة وانتظمت في اصدار هذه المجلة والتدوين الالكتروني لأخبار المدرسة والادارة والبلد  .

** كما صممت شعار المدرسة وهو يتكون من زهرة اللوتس التي ترمز الى الدولة والتاريخ تتوسط جناحين يرمزان الى منطقة مطار النزهة بالاسكندرية الكائنة بها المدرسة 

** حرصت على تقسيم محتويات المدونة الى أخبار مدرستنا ، أخبار بلدنا ، والمقترحات ، والرد على المتابعين ، المجلة الشهرية وما بها من حكمة العدد وصورة العدد وأغنية العدد بحيث تناسب  الاحداث الحالية ، وحرصت على عمل مسابقات يتم حلها عن طريق المدونة ، وكنت أشرح طريقة الدخول الى المدونة والمسابقة وطريقة حلها وذلك في الاذاعة المدرسية

** وعندما اشتريت السيارة عام 2011 حرصت على الذهاب الى المنتزة وتناول الغذاء هناك ، والذهاب الى مزرعة الكلية للاستمتاع بالمزارع المتنوعة ، وروائح أشجار الموالح والطرق المحاطة بأشجار الكازورينا ، وأصوات الرياح التي تتخلل الأشجار العالية ، وسنابل القمح الصفراء التي تعبر عن الخير الوفير ، وكنت أتعمد التحدث مع بناتي وزوجتي عن ملاحظاتنا خلال هذه الرحلة الغير تقليدية ، وكنت أسعد كثيرا عندما أجد أن الأحاديث أثمرت عن أفكار واستنتاجات وتساؤلات جديدة .

** وبواسطة السيارة أيضا حرصت على اصطحاب ابنتي داليا الى قصر الثقافة والأتيلية وغير ذلك من الاماكن التي بها معارض لكي  تتعرف على الفنون التشكيلية حيث كانت ترغب الالتحاق بكلية الفنون وخلال التجول بالسيارة كنت اتحدث معها عن ثقافتي  التي اكتسبتها من ممارسة الفنون وأنصحها بألا تستهين بأي شيء وأن تكون دقيقة في النظر ودقيقة في التفكير وأن تبتعد عن التفكير النمطي والعشوائي واضاعة الوقت في أمور لا تفيد

** كما ذهبت الى قرية الأسد وكان ذلك للمرة الثالثة وهي من الأماكن التي أعجبني فيها استخدام المواد الطبيعية في عمل المقاعد والموائد واستخدام الثوم المعلق لغرض الزينة واستخدام  أصداف السلاحف وجلود الحيوانات وقرونها ، ولكنني لاحظت  عدم الاحترافية في التصميم العام ، وكأن المصمم ينفذ كل ما يخطر على باله بدون أي مراجعة أو تفكير وبدون الرجوع الى القواعد الخاصة بتخطيط مثل هذه الأماكن .   

** وعندما طلبت النقل الى قسم المتابعة عاهدت مديرة المدرسة الجديدة بأن اقدم لها هدية بمناسبي انتهاء عملي بالمدرسة ( لوحة بها أهم تسطيرات المدرسة ) لكي تعرض في المكتب بذلت في هذه اللوحة مجهودا كبيرا لدرجة أنني قمت بتصوير جميع الزملاء بالموبايل لكي اضع صورهم جميعا في هذه اللوحة وللأسف الشديد ان هذه اللوحة لم يتم تعليقها  في المكتب كما كنت أتوقع 

** عندما تسلمت عملي بالمتابعة الفنية 2012  كثرت اهتماماتي بمتابعة الانشطة الفنية والدعوة الى اكتشاف الموهوبين والاهتمام بهم وكثيرا ما طلبت من زملائي بالقسم أن يتابع كل شخص مجال تخصصه أو المجالات التي يتقنها بشرط ألا يتطرق للخصوصيات الفنية التي تخص الموجه الفني

** وأثناء العمل بالمتابعة الفنية استمر تحرير المجلة الشهرية باسم ( عيوون ) وصممت شعار للمتابعة الفنية والذي يتكون من زهرة اللوتس في نصف دائرة ، واعتبرت العمل بهذه المجلة هي سلوتي حيث أمارس به الفنون التي أحب ممارستها . 


** وعندما عملت مديرا للقسم طلبت من زملائي المتابعين أن يهتموا بمتابعة فنيات العمل بكل جرأة وبدون خوف من التعليمات الروتينية التي تلزم المتابع بتنفيذها حرفيا وخاصة الاستمارات الكثيرة التي يملأها المتابع 

** وعندما تم ضم قسم المتابعة الفنية مع الميدانية واتجاه المتابعة نحو الشئون الادارية وكتابة استمارات روتينية ، لم يعجبني ذلك ، واتقاءا للمصادمات مع الزملاء صممت على النقل الى قسم التغذية لقضاء سنة قبل المعاش في هدوء ، وفي هذا القسم تعمدت ألا أقحم نفسي في آراء ومناقشات 

**في يوم 18/2/2017 بعد أن أديت عملي بالذهاب وفق خطتي الى مدرسة أرض العوايد توجهت الى شركة كابو وسألت في مكتب الاستعلامات عن صديق قديم من المرسم ( حسن لابي ) لم اره منذ أكثر من عشرين سنة وعلمت انه ( طلع على المعاش ) ويعمل الآن بعقد في قسم التدريب ، وانتظرته في مكان للاستقبال وعندما حضر لاحظت تغيرا شديدا في شكله حيث ظهرت نقوش سنين سنة على ملامحه ولكن روحه مازالت في شبابها واندهش كل منا للآخر للتغيرات الشكلية  ،ولكننا شعرنا وكأننا مازلنا نتحدث بمرسم قصر الثقافة واسترجع كل منا الأعمال التي مر بها ، فحكى لي عن عمله السابق وحرصه على ممارسة هواياته أثناء العمل ، وكذلك حكيت له اهتمامي بالنواحي الفنية في جميع الوظائف التي مررت بها ، وبعد ان استرجعنا ذكريات كثيرة تعرفنا على أرقام التليفونات وصفحات الفيس بوك وافترقنا على أمل الاتصال عبر الانترنت أو التليفون أو الزيارات .

** ويمكن القول بأن الفن التشكيلي لعب ومازال يلعب الدور الأكبر في حياتي اليومية ليس من الناحية التشكيلية فقط وانما الناحية السلوكية لأن الفن التشكيلي كان له الفضل الأكبر في تعلم الدقة واحترام كل شيء مهما كانت بساطته وصغره



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق